جبل العامرى

موقع أيام نيوز


الجزيرة
تسألت إسراء باستغراب تحت أعين الطفلة الصغيرة التي تتابع ما يحدث
طب ليه كل ده
نظرت إلى ابنتها التي تقف معهم لا تريد أن تتحدث أمامها أو تشرح أي شيء لا يجب أن تعرفه.. عادت بالنظر إلى شقيقتها قائلة بجدية
هما مش ناويين يدوني حقي.. عايزين نقعد هنا ووعد تقعد معاهم لكن ناخد حقنا ونمشي لأ
تسائلت مرة أخرى بعين متسعة

يعني ايه
أردفت زينة بعد أن تنهدت بعمق
يعني لازم إحنا نمشي من هنا لأنهم مش هيسمحولنا نعمل ده
أقتربت منها إسراء ونظرت إليها بقوة.. تفوهت قائلة بجدية
زينة بس إحنا لو رجعنا دبي تاني هنعيش إزاي
تقدمت زينة من الفراش تجذب حقيبة ظهر صغيرة ثم أجابتها
هتصرف.. أنا هتصرف متقلقيش
نظرت إليها وتابعت قائلة بصوت جاد
يلا.. سيبي الهدوم مش هناخد حاجه غير الموبايلات والشواحن وجوازات السفر.. مش هنعرف نطلع من الجزيرة بحاجة
تذكرت إسراء أن لا طريقة للخروج من الجزيرة سهلة عليهم فسألتها
هنخرج من طريق النيل ولا الغابة
تنهدت الأخرى بضيق كبير وهناك ثقل تشعر به على صدرها ولكنها بدأت بفعل ذلك الشيء فعليها الانتهاء منه
النيل.. أنا مضمنش الغابة دي فيها ايه ولا هنخرج منها إزاي
أكملت وصلة الأسئلة الذي وقعت بها قائلة وهي تتابع حركاتها بعينيها الزرقاء
ومين هيعدينا النيل
ابتسمت بارتياح وهي تحاول أن تجعلها تطمئن مردفة
أول ما نخرج من القصر ونقرب على النيل هكلم عماد صاحب يونس يقرب مننا أنا اتفقت معاه أنه هينقلنا.. يارب بس محدش من الحرس اللي هناك يشوفه
تابعت وهي تتقدم من باب الغرفة بحزم
حطوا الحاجة في الشنطة أنا هنزل أعمل حاجه وطالعه
هبطت زينة على الدرج متجهة إلى الأسفل تتلفت هنا وهناك بعينيها لترى أي أحد من العائلة ولكن الجميع كانوا متواجدين في غرفهم بالأعلى..
توجهت إلى المطبخ وهي تسير سريعا دلفت إليه ولم تشعل الضوء داخله بل أكملت المسير في العتمة إلى أن وصلت إلى الباب المتواجد
به لتعبر منه إلى خلف القصر مباشرة دون أن يراها أحد من الحرس..
فتحت الباب بهدوء وبطء شديد.. أخرجت رأسها لتنظر إلى الخارج ربما يكن أحد هناك ولكن لم ترى أحد فخرجت إلى خلف القصر تختلس النظرات بعينيها في كل إتجاه وقد كانت أحضرت من قبل ما ستحتاج إليه في مهمتها..
سارت بهدوء دون أن تصدر أي صوت إلى شجرة كبيرة متواجدة أمام سور القصر كان خلفها جردل كبير قليلا فتحت الغطاء ونزعته من عليه وهي ترفع رأسها تنظر إلى الأعلى خوفا من أن يراها أحد.. ثم حملته على يدها الاثنين وسارت تسكب ما به في كل مكان يقابلها.. على الأرضية والأشجار بأوراقها حتى جدران القصر من الخلف.. لقد كان بنزين سريع الاشتعال سيساعدها في الهروب من هنا.. تركته في الأرض ثم ألقت بعض الأخشاب وفوقهم قطعة قماش كبيرة..
توجهت لتحمل الجردل مرة أخرى وسكبت فوق الأخشاب ورائحته النفاذة تدلف إلى أنفها بقوة.. تركته مرة أخرى على الأرض..
عادت للخلف خطوة وتقدمت من باب المطبخ.. نظرت إلى كل ما فعلته ثم أخرجت القداحة من جيب بنطالها الجينز أشعلتها وألقت بها على الأرض فنشبت النيران سريعا دون أي مجهود.. نظرت إليها بعينين واسعة وهي تراها تصعد إلى الأشجار وتتأكل في الأرض متجهة إلى الجانبين وترتفع مع تلك الأخشاب الذي ألقتها في الأرض.. اتسعت شفتيها بابتسامة واسعة وهي ترى أن ما رغبته بات قريبا للغاية منها وستبتعد عن هنا في الحال..
دلفت إلى الداخل سريعا وأغلقت الباب كما كان وكأنها لم تفعل شيء وسارت بهدوء وبطء لتخرج إلى ردهة المنزل تتلفت ثم عندما أدركت أن المكان أمن تحركت سريعا وقدميها تبتعد عن بعضهم بقوة لتصعد إلى الأعلى تنتظر ما سيحدث من مرج وهرج بعد قليل لتتخذ هذه الفرصة سبيلا للهرب..
مر كل هذا على ذاكرتها وهي تبتعد عن قصر العامري فقد حدث كل هذا قبل قليل قبل أن تخرج من القصر وتحصل على الحياة.. تود لو تصفق لنفسها
لأجل حصولها على الفرار منه..
سارت بسرعة هي وشقيقتها وابنتها بيدها تبتعد عن هنا بفرحة كبيرة والإبتسامة على وجهها مرتسمة باتساع.. تتابع وهي تسير بخطوات اشبهت الركض البيوت الخاصة بهم الغريبة ككل المناطق النائية..
يالا الفرحة.. أكان يريدها أن تستمر معه هنا على هذه الجزيرة الغريبة هي وكل سكانها.. الذين يضعون الثوم والبصل مربطين بأحبال في شرف المنازل
لقد لازت بالفرار وما بقي إلا دقائق كي تكون خارج الجزيرة وهم في الخلف يحاولن إخماد النيران.. خرجت ضحكة مباغتة منها وهي تشعر بالانتصار فوجدت تلك اليد القوية تقبض على ذراعها فجأة دون سابق إنذار..
نظرت إلى شقيقتها معتقدة أنها هي من أمسكت بيدها ولكن يد شقيقتها كانت جوارها فاستدارت واقفة تنظر إليه!!..
إنه هو! وقع قلبها بين قدميها واختفت تلك الضحكة التي كانت على شفتيها منذ قليل وذراعها في قبضة يده يضغط عليه بقوة وغل شديد وملامح وجهه لا تنذر بالخير أبدا..
وقفت إسراء جانبها تقترب منها تحتمي بيها وفي نفس الوقت تحاول أن تحميها من نظرته إليها وقبضة يده التي استشعرت قوتها..
شعرت بالخۏف وهي ترى عاصم يقف خلفه والسلاح بيده ونظرات عينيه موجهة إليها بقوة وكأنه يتوعد لها وبجواره ذلك جلال يقف مثله خلف جبل ينتظر الإشارة منه والجميع في حالة صمت..
ضغطت زينة على يد ابنتها بقوة تتمسك بها خوفا من أن يأخذها منها عنوة.. عيناها تنظر إليه بحدة تتابع نظرات عيناه الخضراء المخيفة..
ضغط على يدها بقوة ونظر إلى شقيقتها بطرف عينه ومرة أخرى إلى ابنتها التي تمسكت بوالدتها فابتسم هو بشړ ينظر إليها قائلا بجمود
مش كنتي تقوليلي إنك عايزة تمشي علشان اسهلك الطريق!
تابعت النظر إليه دون حديث وقد شعرت أن سمائها انطبقت على الأرض من أسفلها وډمرت كل شيء.. لم تقوى على الحديث بل تنظر إليه بصمت تام لا تعلم ما الذي من المفترض أن تقوله ولا حتى تفعله.. ولا تدري ما الذي سيفعله هو بها..
أكمل وهو يجذبها من ذراعها پعنف وقسۏة
تعالي.. الوقت دلوقتي ميسمحش أنكم تنزلوا النيل
تحطمت أحلامها وذهب كل ما فعلته لأجل الفرار هباء فلا شيء أتى بنفع مع ذلك الجبل الصلب الذي احتارت في وصفه..
بعد أن جعلت الحريق ينشب في القصر ويلتهي به الجميع وهو من بينهم.. وذهبت على أول الطريق وخرجت من القصر وأقتربت من الوصول إلى النيل والخروج من الجزيرة.. أتى هو لينهي كل هذا كأنه لم يحدث من الأساس.. لقد أتى في الوقت المناسب حقا..
شعرت بالسخرية الغريبة لأجل كل ما عاشته هنا إلى الآن أهو إلى هذه الدرجة مسيطر ومتحكم ليفهم ما حدث ويأتي خلفها بهذه السرعة..
سارت معه وهو يجذبها عائدين إلى القصر استدارت برأسها تنظر إلى الخلف ترى النيل كان على بعد خطوات منها يبدو أنها كتب عليها أن ترى وتعلم الكثير عن الجزيرة وأهلها.. لم يكن مقدر لها
الخروج بهذه السهولة..
وقف جبل أمام بوابة القصر بعد أن عادوا إليها مد يده إلى حقيبة ظهرها جذبها منها ثم أعطاها إلى عاصم الذي أخذها منه وأشار إليه قائلا
دخل الآنسة إسراء ووعد وخد بالك منهم كويس
أقتربت إسراء من زينة تقف جوارها وفعلت ابنتها المثل تتمسك بيدها بقوة وصاحت قائلة
وزينة هتروح فين
ابتسم إليها بسماجة وبرود قائلا
متقلقيش أنا هاخدها معايا مشوار وراجعين..
تسألت مرة أخرى بجدية وقلق
مشوار فين.. خدنا معاها
نظر إليها بقوة وتابع يجيبها بخشونة
ادخلي.. شوية وهترجع
تركت زينة يد ابنتها ونظرت إلى إسراء بجدية وهدوء حتى لا تجعلهم يشعرون بالقلق وقالت
ادخلي متقلقيش عليا
لم تكن تكمل رفع شفتيها عن بعضهم البعض لتتحدث مع شقيقتها إلا وكان هو تحدث بصرامة وقوة موجه حديثه إلى عاصم
عاصم.. دخلهم
أشار عاصم إلى إسراء أن تدلف فنظرت إلى شقيقتها ودلفت على مضض وهي قلقة للغاية مما يحدث الآن وبيدها ابنة شقيقتها...
بعد أن دخلت من بوابة القصر نظرت إلى عاصم بعينين بريئة قلقة للغاية تدعوه أن يطمئنها فشعر هو بذلك بعد أن دلف وأغلق البوابة ناظرا إليها
تقدم منها قائلا بجدية
متقلقيش شوية والهانم هتيجي
ضغطت على يد الصغيرة التي تتمسك بها وهو يتابع النظر إلى عينيها بعمق وهدوء وكأنه يحكي أشياء لا تستطيع شفتيه الحديث بها.. استمع إلى صوت جلال وهو يخرج حمحمة رجولية فحمحم هو الآخر من بعده وهبط إلى أسفل ينظر إلى الصغيرة..
ابتسم إليها قائلا بود وحب
اطلعي فوق اوضتك ارتاحي شوية وماما هتيجي
أومأت إليه برأسها فسارت مع إسراء متجهين إلى الداخل وهو معه حقيبتهم الذي تحوي أغراضهم..
بينما في الخارج نظر جبل إلى زينة بعد غلق البوابة نظرة ارعبتها شعرت أنها ترى شيطان في هيئة انسان من بعدها.. تحدث

قائلا بقسۏة
أما إحنا عندنا مشوار مهم هيخليكي تفكري مليون مرة قبل ما تعملي أي حركة زي دي..
جذبها من يدها خلفه وهو يسير يكمل الطريق يتخطى القصر وكأنه يتوجه إلى الجبل..
نظرت إلى الطرف الآخر ورصدت بعينيها الجبل من بعيد ثم نظرت إليه هو ولم
تستطع أن تستنتج ما الذي تحملت ذلك وكأنه هو الآخر أخذ نظرتها إليه تحدي فتابع واستمر ينظر إليها يخيفها فأبتعدت بعينيها السوداء تنظر في الفراغ المحيط بهم والسكون الذي بعث بقلبها الړعب والفزع.. وتلك الصحراء المخيفة كمن يقف أمامها..
وجدته يبتسم بزاوية فمه يبتعد عنها خطوات بسيطة للغاية وقف أمام منطقة معينة هبط بجسده العلوي للأسفل ينحني إلى الأرضية.. تابعته باستغراب شديد فوجدته يزيح بعض الرمال بيده ليظهر غطاء خشبي صغير مثبت بالأرض الرملية رفعه بيده ثم وقف شامخا.. وقفت هي مذهولة لم تكن تدري ما الذي عليها فعله الآن يبدو أن القادم أسوأ بكثير مما سبق.. تنفست بعمق والرهبة تكاد تقضي عليها..
تابعت نظراته الشامتة لها ورأته وهو ينظر إليها ثم وضع قدمه أسفل ذلك الغطاء يضغط بها على شيء ما لم تراه جيدا ثم استمعت إلى صوت عالي يصدر من الجبل فنظرت إليه سريعا لتراه وهو يفتح!..
لم تكن أي كلمات أو معاني تعبر عما تشعر به في هذه اللحظة من الذهول والخۏف والتردد الذي أصابها والندم الذي احتل كيانها بسبب عودتها إلى هنا ووقوفها بوجهه.. لما أردت أن ترى ذلك الجبل لما!
الآن فقط علمت أن حديث يونس كان صحيحا مئة بالمئة وهي الوحيدة الغبية الفضولية عندما رأت العتمة تخرح من الداخل وجانب كبير منه أبتعد عن الآخر ليفتح مرر إليه..
ابتسم باتساع وهو يتابع نظراتها وتعابير وجهها المزعورة فتقدم منها يقبض على يدها قائلا بكبر
ولسه مشوفتيش حاجه
استمرار ذلك الصوت العالي المزعج..
لم تكن تركز في أي شيء ولا حتى الطريق الذي يسير به معها بل كانت تنظر إلى الأسلحة المتواجدة بكل مكان.. بينما وهي تعبر معه من المرر
 

تم نسخ الرابط